الفجر
4:00
الإثنين 20 مايو 2024 م

الشيخ .. اللقبُ المُبتذَل

   بواسطة : محمد بن مصلح ( أبو مشاري ) 2024-02-25

 

كتبه : أبو مشاري

كلمةُ ( الشيخ ) هي صفةٌ ذات دلالةٍ على إنسانٍ موصوفٍ أستحقَّها فكانت صبغةً يستبين بها في مجتمعه .

وتعني كلمة الشيخ في مدلولها اللغوي الرجل الذي تطاول به العمر حتى كَبُر في سِنّه . وقد وردت كلمةُ الشيخِ في القرآنِ الكريمِ على هذا النحو في عدةِ مواضع ، نأخذ أحدَها كمثال ، يقول الله عز وجل :

( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا ) .

وتعني كلمةُ الشيخ في الفقه وفي العُرف رجلَ الدين ، الفقيه ، العالم بالشرع ، من يأخذ تلامذة الدينِ العلومَ على يدِه .

ثم تمدَّد العرفُ فأصبحت تُطلَقُ على صاحبِ المكانةِ الموقرةِ مثل شيوخِ القبائلِ والعشائرِ وشيوخِ الدولِ المناظرين للأمراءِ والحكام .

وقد عَرَف العربُ قيمة هذا اللقب فكانوا لا يخلَعونه إلا على من يستحقه بجدارةٍ لما يعطيه من تميّزٍ ينفرد به من يحمل اللقبَ عن عامةِ الناس .

لكن مما يؤسف أن هذا اللقب أُمتُهِن حتى أن كل من يجد في نفسه نرجسيةً جعل يخلَع هذا اللقب على نفسه ويسير به متبخترًا وهو ليس أهلاً له لا لغةً ولا فِقها .

ومع إستحقاقِ من تناولت صفاتهم أعلاه لهذا اللقب إلا أن فئاماً من الناس جعلوا من أنفسهم شيوخاً قافزين على هذا اللقب الموقّر وأصحابِه وشاركوهم فيه زوراً وبهتانا .

- فصاحبُ المالِ أصبحَ شيخاً .

- صاحبُ المنصبِ شيخ .

- أخو الشيخ شيخ 

- إبن الشيخ شيخ.

- طالبُ العلم شيخ .

- ومن كان جَدُّه الرابع عشر شيخاً ثم أنتقلت منه المشيخة لعائلة أخرى يستمر كل أحفادُه شيوخاً وإن دنوا .

- ومن لبس ( بشتاً ) وترزّز به في المجالس أصبح شيخاً 

- حتى المطاعم خلَعَت على نفسها المشيخة فنجد مثلاً ( شيخ البيتزا ) .

وهكذا ..

حسناً .. إذا كان الناس كلهم أصبحوا شيوخاً فمن هم التابعين وعامة الناس ؟!!

ذات مرة كنت أتابع أحد الأفلام المصرية فأستوقفتني عبارة للممثل المصري توفيق الدقن عندما كان يجلس على أحد المقاهي وشاهد ( فُتوات ) مصر يتزايدون بشكل كبير في الشوارع فقال :

 [ هوه أيه اللي جرى للدنيا ؟ الناس كلها أصبحت فُتُوات ؟

أمّال مين اللي حَينضِّرِب ؟ ] .

إن الألقاب الرسمية والإجتماعية التي يمنحُها وليُّ الأمرِ على أصحابها المستحقين لها ومنها لقب الشيخ يجب عليهم أن يقدِّروها حق قدرها فلا يتخلّقون إلا بأخلاق الكبار وبما يتناسب مع وقار هذا اللقب .

أما من لا يستحقها فلا ينبغي له أن يشتريَها أو يقترضَها أو يتزوّرَها ، فقد سَاءني كما سَاء الناس أن لقبَ الشيخِ أبتذله الكثيرون فأصبحوا شيوخاً بلا مشيخة بل أن حمارَ الشيخِ أمسى شيخا .

دمتم بِوِدّ