الظهر
12:05
الإثنين 20 مايو 2024 م

المَرَة .. أكرمَكم الله

   بواسطة : محمد بن مصلح ( أبو مشاري ) 2024-02-29

 

كتبه : أبو مشاري

يقول الله عز وجل : ( وَلَقَد كَرَّمنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلنَاهُم فِي البَرِّ وَالبَحرِ وَرَزَقنَاهُم منَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلنَاهُم عَلَىٰ كَثِيرٍ ممن خَلَقنَا تَفضِيلًا ) . وبنو آدم في الآية الكريم تعني الرجال والنساء فهم جميعاً بنو آدم عليه السلام .

إن ذكورَ بني آدم لم يأتِ أحدٌ منهم على هذه الأرض إلا من خلال أنثى خلقه الله في بطنها ثم عاش من جسدها تسعة أشهر وهناً على وهن ثم وضعته بمشقة عالية ، ثم أرضعته وغذّته وغسّلته وربّته وعلمته وسهرت عليه الليالي حتى أصبح رجلاً ، فكانت له المرأةُ أمًّا وأختاً وزوجةً وبنتا ، كلَّهنَّ يُحِطنَ به من كل إتجاه إحاطة العطف والحب والحنان .

وقد تأرجحَت العادات المتعلقة بالمرأة على مر العصور متأثرةً بجهالة المجتمعات تارة وبالتأثير الإيجابي للشرائع السماوية تارةً أخرى ، فكان الوأد وكان الإستنقاص وكانت أمهات المؤمنين ، وكان الإعتزاز بالأخت في أوقات الوغى والصعاب إلى آخر تلك التذبذبات  ، وقد أستوصانا نبي الهدى بالنساء خيرا في أحاديث كثيرة . غير أن هناك بعض التجاهل والإستنقاص للمرأة في بعض المجتمعات نتج عن جهلٍ متوارثٍ ، فهناك في مجتمعاتٍ معينةٍ من يقول بخجلٍ ( عاري ) عن نسائه عندما يتحدث عنهن ، وفي مجتمعاتٍ أخرى لا يُسمح للمرأة أن تكشف وجهها وهي تأكل ، وفي مجتمعاتٍ أخرى لا يعرف الزوج وجه زوجته ، وهناك من يستنكف أن يذكر أسم أمه أو زوجته أو أخته أو إبنته عندما يتحدث عنهن ، وعندما يتحدث عن إبنه يرفع الحديث بفخرٍ وإعتزاز .

بعض الرجال إذا قابلك صدفةً في الطريق أو السوق أو غير ذلك تراه يُعرِض بوجهه عنك وكأنه لا يعرفك مخافةَ أن تسلّم عليه وتعرف أن أهله معه ، أو يشك أنك ستنظر لزوجته فلا يسلّم عليك من الأصل وهذا تفكيرٌ عقيمٌ شكّاكٌ مشين ، وقد نقل لي هذه الملاحظة عددٌ من الأخوان ، ماذا يضيرك لو تقدمت زوجتك في طريقها وتبقى أنت تسلم على أخيك وتأخذ الأمور بطبيعيةٍ سَمحة ؟

قبل حوالي عقدين من الزمان كنت أعمل مديراً مناوباً في فترة المساء بأحد مستشفيات جدة ، فدخل عليَّ في مكتبي رجلٌ كبيرٌ في السن ، فسلّم وأجلسته وقالت ماذا تريد يا عم ؟ قال أتيتُ أنا والمَرَة - أكرمك الله - من إحدى المحافظات خارج جدة نريد زيارة أختي المنوّمة بالمستشفى فمنعونا الحراس بحجة أن وقت الزيارة قد أنتهى ، وأرسلونا لك إذا تسمح لنا نزور لدقائق . فقلت أبشر ياعم طالما أتيتم من خارج جدة وتقديراً لكم ، ومازحته قائلاً له بشرط ، قال أبشر ، قلت أن لا تكرر قول أكرمك الله لأحدٍ عندما تتحدث عن زوجتك أو أيٍّ من نسائك بعد اليوم ، قال يا ولدي هذي عادات عندنا ، قلت أترك هذه العادة السيئة فالمرأة ليست نجاسةً أو دناءةً أو حيواناً لنقول عنها هكذا ، والله قد كرَّم بني آدم كلهم رجالاً ونساءً فلماذا نهينهم بهذه العبارات ؟ ألسن أمهاتنا اللاتي كُنَّ يغسِلن نجاساتنا ونحن صغار ؟ ألَسنَ زوجاتنا وأخواتنا وبناتنا ؟ قال أبشر ، ثم أقسم ألا يقولها بعد ذلك اليوم .

إن الزوجةَ هي العطفُ والحنانُ وهي ركيزةُ البيتِ كما وصِفَت ولو سقطَت لتداعى سقفُ العائلة ، وإن البنتَ هي الحنونةُ على أبيها وأمها داخل البيت في إحتياجاتهم والسؤال عنهما ، بل أن بيتاً لا إناث فيه قد لا يكون للأنس والسعادة والبركة فيه مكانا .

اللهم أحفظ لنا أمهاتِنا وجميعَ نسائِنا وارحم من أنتقَلَت منهن للدار الآخرة ، وأعِنّا على العملِ بوصيةِ نبي الرحمة بهِن .

ودمتم أوفياء نبلاء .