الظهر
12:05
الإثنين 20 مايو 2024 م

ليلةُ الشَفا

   بواسطة : 2023-07-25

ليلةُ الشَفا 

كتبه : أبو مشاري

--------------------

كان يومُ الثالثِ من شهرِ الله المُحرّم يوماً مختلفاً حين ضُرِبَ لنا فيه موعدٌ مسبقٌ أُرِيد فيه أن يجتمعَ في مسائِه أعضاءُ قروبِ مجلسِ بلقرن للقاءِ والتعارف .

فحين كان يومُ الجمعةِ ذاك أتفقت وبعضِ الأخوةِ أن نلتقيَ عند جامعِ الحنيك فنصلي المغربَ فيه ثم نتّجه لمقرِ اللقاء .

وكان أن توجهنا بعد الصلاةِ إلى قصرِ الشيخ عبدالله بن مجدوع ومجلسِه المعهودِ للجميع الذي يشِعُّ نورُه فوقَ قِمّة الجَبل ليبلُغَ أرجاءَ الشَفا ..

بدأنا نرتقي بالسيارة لأعلى الجبل ، وما أن أقتربنا من القصر - ونحن الذين كُنا نتوقعُ أننا مبكِّرون في حضورنا - وإذا بنا نشاهدُ أرتالاً من السياراتِ تقفُ على جانبَي الطريق على إمتدادِ مسافاتٍ طويلةٍ من القصر ، وكانت قمةُ الجبلِ تكتسي بالبشرِ والشجرِ في منظرٍ جميلٍ ومشاعر مختلجة ، حينها قلتُ لمن معي يبدو أننا لم نبكِّر .

أوقفنا السيارةَ وعبرنا راجلين لفناءِ القصرِ ضمن حشودٍ تسيرُ معنا ، ولكم أن تتخيلوا دهشتَنا وانبهارَنا عندما دخلنا من طرفِ الساحةِ الخارجيةِ للقصر حين رأينا المستقبلين يقفون في صَفٍّ مهيبٍ وطويلٍ على طرَفَي الساحةِ الشاسعةِ في نسَقٍ رائعٍ يوحِي لمن يراه أنه يدلِفُ إلى قصرٍ أميري ، وكان يقفُ في بدايةِ الصف مضيّفُ بلقرن الشيخُ عبدالله بن مجدوع ، وقريبٌ منه كان يظهر للجميع وجهٌ جَليٌ معروفٌ على مستوى بلقرن وما حولها وهو يتزينُ بجنبيةٍ أراها ثمينةً وأخّاذةً ويستقبل الضيوفَ كما هي عادته في المشاركات المجتمعية بحرارةٍ وحماسٍ ودعمٍ واف ، إنه أبو عصام علي بن محمد بن غيثان . الجميعُ يصدَحون بالترحيب بمشاعر حارةٍ وصوتٍ موحّدٍ ينبعثُ من قمة الجبل فيتغشّى سفوحَ السراة وكأن صداهُ يصل إلى أوديةِ تهامة ومدنِها وقُراها .

وبعد التسليم أُشير لنا أن ندخلَ المجلسَ وإذا بصفِّ آخر من الرجال يقفون في مدخلِ المجلس يتقدمهم الشيخ شبيلي بن مجدوع يرحّبون ثانيةً بالضيوف ، حينها أدركت أن هذا التنظيمَ والإستقبالَ الحارَ هو صَنعةُ عبدالله بن مجدوع ، فهو المُحنّكُ والخبيرُ في كل جانب .

دخلنا زُرافاً إلى بهوِ المجلسِ الكبير فلمَحتُ في أحدِ أركانِ البهو المجاورِ لمدخلِ المجلس مديرَ قروب مجلس بلقرن الأستاذ عايض بن سعيد ومعه أناسٌ يتحدثون ، وبدا لي كأنهم يتّخذون من بعضِ الأرائكِ هناك منطلقاً لهم فيتابعون خطط وبرنامج اللقاء .

وصلنا المجلسَ وكلٌّ أخذ مكانه فشاهدتُ مشائخَ وأعيانَ بلقرن وهم يُزيّنون المجلسَ بتواجدِهم فيعطونه رونقاً جميلاً ووقاراً رفيعاً مع سابقِ جمالِه ورفعتِه ، وتلمّحتُ هنا وهناك فهذا زميلُنا بالقروب فلان الذي أعرفه من خلال صورته في القروب وفي وسائل التواصل الإجتماعي وهذا فلانٌ الذي لم أرَه منذ مدة طويلة وهؤلاء أحبّةٌ يتبادلون السلامَ والتحايا ويُعرِّفون بأنفسهم ، وهذا معالي الشيخ مزهر حفظه الله - الذي تشرّفتُ بمقابلته لأول مرةٍ رغم متابعتي له عبرَ وسائل التواصل منذ زمن ومعرفتي له من خلال صوَرِه - يأتي مُتنزِّلاً متواضعاً ليُسلّم عليَّ ويُكرمُني بثناءٍ كان وسوف يظل وساماً على صدري ، وهذا الإعلامي فلان والأديب فلان والشاعر فلان ، وهؤلاء المدعوون من خارج القروب . 

إذاً الدعوةُ ليست مقصورةً على أعضاءِ قروبِ مجلس بلقرن بل لهم ولمدعوّين آخرين .

أقتربَ موعدُ برنامجِ الحفلِ فتمّت تأديةُ صلاةِ العشاءِ في المجلس ثم عاد الجميعُ لمقاعدِهم ، وما أجملَ وقار الشيخ عبدلله وتواضعه هو وأعضاده من إخوته الفضلاء وهم يتّخذون في سَمتٍ جميلٍ أماكنَهم في بداية المقاعد بجوارِ مدخلِ المجلسِ كونُهم أصحابَ المكان . 

بدأ البرنامجُ الذي سَطَع فيه نجمُ الشاعر سعد بن شبرين كمقدمٍ للبرنامج وبان حُسنُ التخطيط ، ووزِعَت الهدايا والتكريمات .

لن أتحدث في تفاصيل البرنامج الكثيرة ولا عن أجواءِ المجلسِ السعيدةِ فلعل لها نافذةً أخرى قد تطلُّ من خلالها علينا .

كم أدهشني الشيخُ عبدالله وهو يتابع الحدث والتنظيم بدقة ، وكم أعجبني أبو خالد وزملاؤه أبو جاري وأبو صالح في إشرافِهم التفصيلي ومقاربتِهم لفقراتِ اللقاء وتنظيمِه .

ترادفَ الإعجابُ حين سمعت الشيخَ يقول ( تفضلوا للعشاء وهناك الجماعة يُرتِّبون توزيعَكم ) فقلتُ في قرارةِ نفسي يا إلهي .. حتى الدخول للعشاء مُنسّقٌ ومنظّمٌ ومخططٌ له في أدقّ تفاصيله !!

توَّجَ الجميعُ سعادتَهم بالعرضةِ والشيلاتِ داخلَ المجلسِ وشارَك في العرضةِ الشيخُ عبدالله ، ولقد لفَت نظري تناسقُ العرّاضة وبهجتُهم بها والأداءُ المتميزُ وخاصةً أداءُ الأخ علي بن طبّاق ( أبي محمد ) الذي أبلى بلاءً حَسَناً في الأداء المُلفِت داخل الميدان .

وعند خِتام السهرةِ أدركتُ أن نجاحاً كهذا لم يكن ليتأتى لولا أن وراءَه رجلٌ مُبدعٌ وخَبيرٌ مُنبِئٌ كأبي سلطان يتمتعُ برحابةِ صدرٍ ، وبَسطةِ يَدٍ ، وعُلوِ هامَةٍ ، وخِبرةٍ في إدارةِ مثل هذه الحشودِ بسلاسةٍ وضيافتِهم بمقدرةٍ وأريحية ، وإستقبالِهم بروحٍ عاليةّ ونفسٍ طيبةِ . 

إنها ليلةُ الشَفا البهيجةِ التي أزدانت بهذا للقاء ، وإنه الشيخُ عبدالله بن مجدوع الذي ما فَتِئ يأتَلِفُ سويداءَ القلوبِ حتى تربّعَ فيها وأحبّه الجميعُ على مَر السنين .

غادرَت الحشودُ المكانَ وهم يُكثِّرون في الخيرِ للشيخ عبدالله ولأخينا عايض بن سعيد الذي قاد فريقَ ( قروبِه ) لأجمل سَهرةٍ وأبهى لقاء .

دامت لقاءاتُكم بوِدّ