الظهر
12:05
الإثنين 20 مايو 2024 م

قرار خطير .!!

   بواسطة : ركبان بن طاهر 2023-09-28

**-

سبحان الله الذي جعل للانسان هذا اللسان ، فينفع به نفسه وغيره أو العكس ، وإن كان أكثر المردودات الحسنة على الانسان من لسانه وخاصة المسلم يرتكز على ذكر الله ودعاءه ، بمختلف انواعه وتعدد طرائقه واشكاله ،، وقد تعدت وظيفة اللسان الاساسية الى وظائف اخرى منها المباح أوالمندوب ، ومنها العبثي أوالمحرم .!

ورغم أن وسائل التواصل الحديثة ، حدت قليلا من وظيفة اللسان في التواصل مع من حوله وألجمت " فغرةَ فاه ُ " ولو يسراً من الوقت أو بعضاً من القول ،، إلا أنه لازال اللسان يتسيد طرق ووسائل التواصل بين الاجساد ويترجم مبهمات كل ذبذبات التردد التواصلي سواء ذوات الاصداء أو اخوات الايحاء ، ولذا فلا غرابة أن يبقى هذا العضو الرخوي اللزج يهرف ليل نهار بما يعرف ويهذي بما لايعرف ، ثم أنه لا استنكار لعمله أو طي لسجله ، حتى اذا بلغت الحلقوم رجع القهقري الى حيث تقبع السفن في قاع البحار ، ثم ياليت شعري هل يأخذ بصاحبه فيكبه على منخره في النار ، أم ينأى به عن هذا المتردى ويطير به الى أعلى الجنان .!

... أقول هذا بعد أن " طقت في رأسي فكرة" ذات صباح ، فأتخذت قرار أعتبره من اصعب القرارات وأخطرها ، خاصة لمن هو في العاملين كمثل صاحب الصنائع السبع ، فمن التغريد الى النواح ، ومن الازير الى الصياح ، وقد يصل في حالات خاصة جداً الى جر الصوت على غير موال ويرسله الى غير ذات مبتغى .

أما القرار فقد كان أن لا أتفوه بكلمة واحدة منذ طلوع الشمس الى أن آوي الى فراشي ليلتها ، إلا فيما ارتكز الى ركن شرعي لابد منه ، وهو في الغالب لايتعدى كلمات قليلة في اوقات قصيرة بيني وبين ربي ... وقبل أن اشرع في تنفيذ هذا القرار الجريء ، أردت أن اعطي نفسي فرصة للتفكير فهذا عمل عظيم ومهمة جسيمة ، لايقدم على مثل هذا إلا من آتاه الله قوة تنوء بها العصبة أولي القوة .

وبينما أنا كذلك مسترسلا في التفكير لهذا العمل ، والتخطيط لذلك الانجاز : إذا بي أتخيل هذه المضغة بين فكي وقد حُكم عليها بالسجن ، وأقفل الباب دونها ، ورد الحجاب عليها ، وربط فكيها الاعلى بالاسفل ، ثم أصحبت وأمست وهي مقبورة تحت لحد حي ،،،، فلا والله لم أستوعب فكرة أن ادخل بيتي بعد صلاة الفجر دون إطلاق الصيحات في ارجاء المنزل ، وارسال الصرخات من خلف الابواب ، على غرار تلك التراتيل الصباحية المعهودة في كل دار ومنزل ، منها مايرسل الافراح ويشرح الصدور ويستفز الهمم ، ومنها ما يغم الانفاس ، ويفجر القلوب ، ويحطم القمم .!

ثم أنني لم استوعب ايضاً طريقة النهار طولا وعرضاً وكيف أنه سيعدي هكذا من غير ، هذر ولا هدر ، فيما ينفع ولا ينفع ، وكيف بهم بني قومي ، وقد حرموا ذلك اليوم كله ، من كلامي ومنعوا من تصريحاتي ، وفوجئوا باطراقي عن غمز فلان وهمز علان ، وعن اغتياب عمر أو أكل لحم زيد .

ولكن الامر الذي لم تصوره ولم ينزل " لي من زور " هو كيف بي أن أقدر على الاجتماع بشلتي تلك الليلة ثم لا يكون لي بينهم خطاب ، أو ليس عندي لهم كلام "  " فقد أصبر على أي مكروه واتصبر على كل ملمة ، إلا أن اقوى على السكوت طيلة تواجدي مع الشلة فهذه مصيبة ، لا أتخيل إلا أن جسمي سيرتعد ، ويداي تنتفضان ، وصدري يغلي وقلبي يرتجف ، ثم أن اشد انواع العذاب هي " حكة اللسان " التي تجعلك تقف وتجلس من غير ما باس ، وكأن بك مس من شيطان ، أو لوثة من جنون .!

ثم اذا قدر لي أن " اسويهآ " فأعمل بما نويت واجاهد على ما عزمت ... تُرى كيف هو حالي اذا آويت الى فراشي وآوى معي قهري ، ونامت في نفسي حسرتي ، على أنني فرطت في تلك الفرص فلم ارد على فلان أو اسخر من علان أو اصرح بما يكون غدا أو بالامس قد كان ، او اظهر مقدرتي على أنني افهم من استاذي او أعلم من شيخي ، وربما امشيها واقول خيرها في غيرها ، ولكن كيف أمشي تقصيري في اظهار مهاراتي الحوارية ، وثقافاتي الشمولية ، وما ذنب حججي القوية أن تبقى خلف جدار سكوتي وتلتحف ستر هدوئي .؟.

.... ولم يخرجني من هذه التخيلات اللامنطقية وينبهني من ذلك السرحان العجيب ، سوى " قروع نعول " أبنائي وهم يترجلون سلالم الدرج مغاردين الى مدارسهم ، وعلى انتباهي لذلك سمعت أصغرهم يقول : ايش في ابويه ساكت حتى مارد علينا يوم قلنا مع السلامة " شكله زعلان " فرد عليه الاخر بقوله : صح أول مره نقوم ونطلع للمدرسة من غير "هدة" .! وهنا تنبهت لحالي وهرولت مسرعاً الى النافذة لكي ألقي عليهم ،، تحية الصباح ،، على وعد مني لهم بأن يكون في صباح الغد " بدل الهدة "هدتين" تعويضاً لما فاتنا هذا الصباح ، وعدتُ الى ارتشاف فنجال القوة وقد اكتشفت انه " برد " وعرفت أن لا مجال للصمت في عالم الصخب ، ثم أنني في انتظار الليل كي انصفه من عدوان هذا الصباح .

اوران

خاتمة :

ـــ باصم ما يخاصـم ــ هذه الوصمة هي بمثابة شتيمة وتقريع ، لكل من يجلس في المجلس بأدب واحترام ، حتى اذا ما استفزوه بالكلام ، وجروه الى الدردشة ، قالوا عنه إنه / قليل ادب / .... هيا ،، بالله عليكم " فين نلچي " ....!