الشروق
6:10
الإثنين 20 مايو 2024 م

شِجارٌ ديراوي

   بواسطة : محمد بن مصلح ( أبو مشاري ) 2023-08-11

كان الجميعُ يتجاذبون أطرافَ الحديث عن ( الرُفقة ) وأهميتها ما بين مهتمٍّ بتعزيزها ومقلِّلٍ لأهميتها ..

ففي مجلسٍ عربيٍ يخلو من الأرائك كان الحديثُ عن أهمية الرفقة وتقدير الرفيق ، فجعل بعض الشباب يتحدثون عن التقدّم المدني وإندماج المجتمعات بل والعولمة ملمحّين إلى أن الرُفقة المزعومة لا ضرورة لها في هذا الزمان ، ولا أساس حتى للمطالبةِ بالحفاظ عليها ، وأن كبارَ السن يدندنون على لا شيء ..

حينها يبدو أن أحدَ كبارِ السن الحاضرين قد طفَح معه الكيل مما يسمعُ ويرى من تغيّر المبادئ والأفكار وهو الذي قد عاش عقودَ حياتِه التسعةَ متمسكاً بآداب التلاحم واحترام الرفيق حتى وإن كانت بين الجماعة أشدُّ النزاعات ، فهذا ما كان عليه جيلُه ومن سبقوهم ، وكان هذا الشيخُ المُسنُ متكئاً بيسار يديه على أحد المتكآت فأعتدلَ وجلس متربِّعاً وبدأ يسرُد حكايته مع أحد رفاقِه من الجماعة بغصّة قبل ما ينيفُ عن الستين عاما ، قال أسمعوا يا صبيان ..

فألتفت الكلُّ وجمعوا إنتباهَهم إلى هذا المَسنّ الذي قد أحدَودَبَ ظهرُه وسقطَت حواجبُه البيضاء على عينيه الغائرتين وأنحنى أنفُه ، قال أحدهم تفضّل يا عم .. قال المُسنّ باللهجةِ المحليّة ( الديراويّة ) الصِرفة :

بأعلمكم بجِصّتِن جِد يَرَن عليّه في سابِج المِدّة عنّكم تعرفون مذا جِنا فيهو من الشقا والخصايم ، وانّها كلّها ما ضيًقَن الواحد منا على رفيجوه ، ماحن بمثلكم اليوم لو واحدِن منكم غزّوه الشيطان وقال جِلمتن بخًةٍ لمتالي والله في خاطري ما عاد يدِّب علاهو ، غير أسمعوا :

ما انتسي زمانن يالرَبع تخاصمْت أنا وحياة محمد بن سعيد الللللله يرحموه ليت امبير ، وكلّن قال ذا في خاطروه وبعدها تفرّقنا وكُلّن راح داروه . وعوّدت يا من سَرّني بقاهم سَرَحت بعد ثلاثة ايام مع طلعة امشمس سِرت آخُذ حزمة حَطَبن على اميميل من امغُثرة ، ويووووووم عِتّ ندّارِن من ليت ماي امرصاف إيلا والله ان بو سعيد في ويهي ، قال الله ذا حطّك في ذالمكان ومثله ، أثر امريّال بعد معُه بخّة ، قلت السلام عليكم ، قال سلامك ما يسلّمك يا راعي مَا انت راعيه ، قلت صَلّ عالنبي مالك تراني رفيجك ؟ قال كلامك ذا قلت لي ليت امبير والله ما أعديهو لك ، وايلا امريّال بيدوه عطيفن با يهزّوه ويبَابوه تقولون يبَاب يَمَلو . قلت أبشر بالحق ناخوك ، بنروح لليماعة واعطيك الحق لِيتهم إن كان اني أخطيت علاك ، وقفَّيت وافلحت . أثر امريّال انيَرَد وَرَيّه ولا وعيت إيلاهو هَبَدني بامعطيف على منجِبي ، فزِلّ يا ثَقَل امعطيف فاضرِب على قَصَبة امصَدر إيلاني افغر وابصم .. ضَكّ نسمي .. إم إيلا امدَم بَشّ من نِيه ( ويشير لأعلى صدره ) .. إيوااااااااه  ،، فاجابل له إيلاهو أبعد عني مثل من نيه إلى هنياك - الله يخزي الشيطان - فأدنّج إيلاني في ذاك المِجصَل الاملس مع ريليّه ، والله ان جِنّوه توي الساع ، فالتِجطوه ام استجيم ام أجدِّم رِيلن واوخِّر امتاليه ، ام احذفوه فاضرِب على يارد امضلعان ، ام ألتجط امتالي واحذفوه - الله لا يزراني - فاضرب على امقصَيّر إيلا ايدوه ملويتن من فوق رقبتوه .. فاعتَز .. اعقُب وانا بو سعيد ، ام اجبل عليّه - وهو والله عِدّ ما من نِيه إلى قبروه ان رَفيجي أطيَب منّي وأطلَق منّي مَثْنى وثْلاث ، الله ربي وربوه ، وعانوا .. هااااايلتن مالهوِل - فاجترِب منهو ونتلاقَط ، غير ثارَن انعطبَن إيدوه الله يغفر له ويرحمه ، والا والله ما اكون أتيت لوه لفتَة ، ونقعُد نهترِس وننتقالَب ونتقالَب إيليييين فتُرنا كُلّين ..

لااااااا إله إلا الله من دويسن اتى ذاك النهار ، الله يغفر لنا ويخزي كل شيطان ، ام إيلا عِدّاية اثنين من اليماعة من امطريج ذا فوقنا ، أثرهم با يرَوننا من بعيدا ، ويوم جِرِبوا منا فصيحوا علانا : سوّد الله ويهكم ، تذابحون وانتوا رفاقة ؟ ام اندروا ليتنا وفرّعوا بيننا خلْف عِدناااااا على اخسّها وانكَسها . إيواااااه ..وعوّدت خلّيت امحطَب ذيه وسَدَرت ما احتسبت اصل امدار مسا با أسحِّب ريليّة ، ومدقدقتِن عظامي وعمري منثورِن كُلّوه . ايواااااه .. وعوّدوا فتعالوا يا اليماعة وعزّروا محمد بن سعيد الله يغفر له على خروفين ، وامنهار امتالي اتوا لِيتي ولا لجيوا معي ألا حَسيلتِن لمَرَتي فخذوها واذبحوها ، وصلِحنا وافلَحنا . وفَكركُم أنّا قعدنا مضّاقين مثلكم ؟ والله ما اتى شهرو إيلا ذا يدقّ باب امحوش ، ويوم شارَفت إيلا والله ذا خلَق أنه رفيجي ذا ما انجِر ، قلت أرحب يابو سعيد عَدّ ، قال والله إني مشطونِن ناخوك ولا بازلّ من نيه وجذِيه ، غير ودي تاتي تحاوشني بعَمَلِن معي في امدميسة فصّبح وسلامتك ، قلت فالك السفَر ، واعوّد امنهار امتالي فاسرح ليتوه ونعمَل امحقنة ولا جِنوه أتى بيننا لا مِجرهيّة والا مَنادَفَة . فامرفقة يا اولادي ما هي ما يلّا روايا ، ولا بيسُرّ الواحد منكم يوم مسا يَهَب ايدوه على كُمنتوه ويقول تيه رفيجي ،،، أنتهى . فأندهَش الشباب من هذا التآلف السريع بعد العراك المَرير وعزَموا أن لا يتخلّون عن أبناء مجتمعهم فذلك المجتمع هو أحد لبِنات هذا الوطن الغالي الذي يستدعي منا جميعاً الحفاظ على اللُحمة الأكبر .

تلكم هي حكايةٌ ديراويةٌ قد يفهمها البعض بحُكم العيش في الديرة بعض الوقت ، أما من لم يفهمْها فليستعِن بصديق ليفُكَّ له طلاسمها .

ودمتم أحِبّة